الاستبدال النحوي في السبع الطُوّل من القرآن الكريم

Abstract

الحمد لله فاتحة كل نعمة وتمام كل خير، والصلاة والسلام على معلم البشرية وخاتم النبيين محمد النبي الأميّ وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين، أما بعد... فيمكننا القول بأن لسانيات النص هي أحدث فروع علم اللغة؛ فهي تعد مرحلة انتقالية من محورية الجملة إلى اعتبار النص الوحدة المركزية، ومن ثم تجاوز حدود الجملة التي ظلت ردحا من الزمن فحوى المقصد والاهتمام، ويعد الاستبدال من أبرز المظاهر اللغوية التي أفرزتها الدراسات النصية باعتباره مظهراً من مظاهر التماسك النصي، ومن هذا المنطلق حاولت استثمار ما توصلت إليه الدراسات النصية في هذا المجال على النص القرآني بعدِّه أرقى النماذج اللغوية، فجاء البحث موسوماً بـ(الاستبدال النحوي في السبع الطوال من القرآن الكريم)، وتأتي أهمية هذه الدراسة من كونها تسعى إلى تتبع هذه الظاهرة، ومحاولة استكشاف الآفاق الواسعة لها وبيان آثارها في حدود القرآن الكريم، حيث إن تفاوت وقوع القرآن على امتداد ثلاثة وعشرين عاما في مكة والمدينة سواء في جبل أو سهل، وعلى الرغم من اختلاف ترتيب سوره وأسباب النزول، إلا أنه يفاجئنا بظاهرة عجيبة وهي أن سوره وآياته تتآلف وتتلاءم في نصوص متكاملة، وكأنه كالكلمة الواحدة، من هنا تقوم هذه الدراسة على النظرة الكلية للنص القرآني- باعتباره وحدة لغوية كبرى، ولا أحاول هنا أن أثبت نصيته فذلك أمر محسوم سلفا، وإنما حاولت الكشف عن هذه الوسيلة النصية التي أسهمت في ترابط سور القرآن واتساقها، فكانت سوره آخذ بعضها برقاب بعض، منطلقا من إشكالية جوهرية تمثلت في: ما مدى أهمية الاستبدال؟ وكيف كان وروده في القرآن الكريم؟ وما مدى نجاعة توفّره في السبع الطوال؟ وكيف يحقق الاستبدال تماسكا نصيا؟ ومن الدراسات السابقة التي سبقت هذه الدراسة وجعلت الاستبدال موضوعاً لها هي: -الاستبدال التركيبي ودلالته في القرآن الكريم- دراسة نحوية نصية، للباحث وليد خير الله( ) . -الاستبدال في القرآن الكريم - سميرة قاسمي( ). ومن البحوث المنشورة في هذا الموضوع(ظاهرة الاستبدال في نحو الجملة ونحو النص)بحث للدكتور عرفة عبد المقصود، ومن المؤلفات كتاب للدكتور عز الدين الكردي بعنوان: (وجوه الاستبدال في القرآن الكريم). وقد واجهت هذه الدراسة- كغيرها من الدراسات -صعوبات كثيرة كان من أبرزها تشعب المصادر والمراجع، إذ كان لزاما فيها الرجوع إلى كتب التفاسير وعلوم القرآن إلى جانب كتب النحو والبلاغة، علاوة على كتب علم النص الحديث، كون هذا العلم متداخل الاختصاصات كما قال فانديك، وكان من بين أهم كتب التفسير التي اعتمدت عليها كتاب غرائب التأويل للكرماني، ودرة التنزيل للإسكافي وملاك التأويل للغرناطي بعدّها من أبرز الكتب التي تصدت للاستبدال الواقع في القرآن الكريم، ومن الدراسات النصية لسانيات النص لمحمد خطابي والنص والخطاب والإجراء لدى بوجراند، وكتاب الاتساق في الإنجليزية لهاليدي وحسن وغيرها مما يرد في قائمة المصادر والمراجع.